کد مطلب:67863 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:317

الفرق بین الإکمال والإتمام











ذهب بعض اللغویین الی أن الكمال والتمام والاكمال والاتمام مترادفتان ولافرق بینهما.

وذهب آخرون الی وجود فرق بینهما، وأكثروا الكلام فی محاولتهم التمییز بیهما، لكن بلا محصل.. فقد حاموا حول الفرق ولم یحددوه!

قال الزبیدی فی شرح القاموس:103:8:

(الكمال: التمام) وهما مترادفان كما وقع فی الصحاح وغیره، وقد فرق بینهما بعض أرباب المعانی، وأوضحوا الكلام فی قوله تعالی: الیوم أكملت لكم دینكم وأتممت علیكم نعمتی، وبسطه فی العنایة، وأوسع الكلام فیه البهاء السبكی فی عروس الأفراح.

وقیل: التمام الذی تجزأ منه أجزاؤه كما سیأتی، وفیه ثلاث لغات (كمل كنصر وكرم وعلم) قال الجوهری والكسر أردؤها، وزاد ابن عباد: كمل یكمل مثل ضرب یضرب، نقله الصاغانی (كمالاً وكمولاً فهو كامل وكمیل) جاؤوا به علی كمل. وقال فی ص: 212 (وتمام الشی ء وتمامته وتتمته ما یتم به).

وقال الفارسی: تمام الشی ء ما تم به بالفتح لاغیر، یحكیه عن أبی زید.

وتتمة كل شی ء ما یكون تمام غایته، كقولك هذه الدراهم تمام هذه المائة، وتتمة هذه المائة.

قال شیخنا: وقد سبق فی كمل أن التمام والكمال مترادفان عند المصنف وغیره، وأن جماعة یفرقون بینهما بما أشرنا إلیه. وزعم العینی أن بینهما فرقاً ظاهراً ولم یفصح عنه.

وقال جماعة: التمام الإتیان بما نقص من الناقص، والكمال الزیادة علی التمام، فلا یفهم السامع عربیاً أو غیره من رجل تام الخلق إلا أنه لانقص فی أعضائه، ویفهم من كامل معنی زائد علی التمام كالحسن والفضل الذاتی أو العرضی. فالكمال تمام وزیادة، فهو أخص.

وقد یطلق كل علی الآخر تجوزاً، وعلیه قوله تعالی: الیوم أكملت لكم دینكم وأتممت علیكم نعمتی. كذا فی كتاب التوكید لابن أبی الأصبع.

وقیل التمام یستدعی سبق نقص، بخلاف الكمال. وقیل غیر ذلك، مما حرره البهاء السبكی فی عروس الأفراح، وابن الزملكانی فی شرح التبیان، وغیر واحد.

قلت: وقال الحرانی: الكمال الإنتهاء إلی غایة لیس وراءها مزید من كل وجه. وقال ابن الكمال: كمال الشی ء حصول ما فیه الغرض منه، فإذا قیل كمل فمعناه حصل ما هو الغرض منه. انتهی.- وقال أبوهلال العسكری فی الفروق اللغویة ص458:

الفرق بین الكمال والتمام: أن قولنا كمال إسم لاجتماع أبعاض الموصوف به، ولهذا قال المتكلمون العقل كمال علوم ضروریات یمیز بها القبیح من الحسن یریدون إجتماع علوم، ولا یقال تمام علوم لان التمام إسم للجزء والبعض الذی یتم به الموصوف بأنه تام.

ولهذا قال أصحاب النظم القافیة تمام البیت، ولا یقال كمال البیت، ویقولون البیت بكماله أی باجتماعه، والبیت بتمامه أی بقافیته.

ویقال هذا تمام حقك للبعض الذی یتم به الحق، ولا یقال كمال حقك، فإن قیل: لم قلت إن معنی قول المتكلمین كمال علوم إجتماع علوم؟ قلنا: لااختلاف بینهم فی ذلك، والذی یوضحه أن العقل المحدود بأنه كمال علوم هو هذه الجملة واجتماعها، ولهذا لایوصف المراهق بأنه عاقل وإن حصل بعض هذه العلوم أو أكثرها له، وإنما یقال له عاقل إذا اجتمعت له. انتهی.

أقول: من المؤكد أن بینهما فرقاً، بدلیل استعمال القرآن لفظ الإكمال للدین، ولفظ الإتمام للنعمة.. فما ذكره العسكری أقرب الی الصواب، والظاهر أن مادة (كمل) تستعمل للمركب الذی لایحصل الغرض منه إلا بكل أجزائه، فهو یكمل بها جمیعاً، وإن نقص شئ منها یكون وجوده ناقصاً أو مثلوماً! ولذا قال علی علیه السلام سید الفصحاء بعد النبی صلی الله علیه وآله فی عهده لمالك الأشتر، كما فی نهج البلاغة:103:3 (فأعط الله من بدنك فی لیلك ونهارك، ووف ما تقربت به إلی الله من ذلك، كاملا غیر مثلوم ولا منقوص بالغاً من بدنك ما بلغ). انتهی.

فالإكمال منصب علی نفس الشئ، لرفع نقص أجزائه أو ثلمه.. أما الإتمام فهو أعم منه لأنه قد ینصب علی نفس الشئ أو هدفه وغرضه.. فقوله تعالی (أكملت لكم دینكم) معناه إكماله بتنزیل جزئه المكمل لمركبه، وبدونه یبقی الاسلام ناقصاً مثلوماً، بمثابة غیر الموجود. وهو تعبیر آخر عن قوله تعالی (فإن لم تفعل فما بلغت رسالته) لأن الاسلام للمركب من الدین وآلیة تطبیقه التی هی الامامة، وعدم تبلیغ الجزء المكمل للمركب یساوی عدم تبلیغ شئ منه!

أما قوله تعالی (وأتممت علیكم نعمتی) فهو یعنی النعمة بتنزیل الاسلام وشروط تحقیق أغراضه وأهدافه فی الأرض، فهو تعالی بإكمال مركب الدین بالامامة أتم النعمة علی المسلمین، وبها ضمن تحقیق هدف الدین فی الأرض، إن هم أطاعوا الامام الذی نصبه لهم.

وبذلك یتضح أن الامامة جزء لایتجزأ من الاسلام، فلا وجود حقیقیا له بدونها، لأن وجوده الشكلی بمثابة العدم.. كما أن تبلیغ النبی للإمامة تتمیم للنعمة الالهیة علی هذه الأمة، فالنعمة موجودة بدون تبلیغها، لكنها لاتكون تامة إلا بها!

وللراغب الأصفهانی لفتة جیدة فی معنی الآیة، وهی أن إكمال الدین یعنی ثبات صیغته النهائیة وعدم نزول النسخ علیه الی یوم القیامة.. قال فی مفرداته ص: 440 (وقوله: وتمت كلمة ربك، إشارة إلی نحو قوله: الیوم أكملت لكم دینكم.. الآیة، ونبه بذلك أنه لاتنسخ الشریعة بعد هذا). انتهی.

وهذه یعنی أن النسخ كان مفتوحاً فی القرآن والسنة حتی نزلت الامامة، فانتهی النسخ وكمل الدین بصیغته الخالدة، وتمت به النعمة.